
ضمن فعاليات الذكرى السنويّة الثالثة لغياب الرئيسة الدكتورة منى حداد يكن.. المرأة الجامعة، أطلقت جامعة الجنان سلسلة لقاءات حواريّة نسائية بعنوان:"الأولويات الوطنيّة للمرأة اللبنانيّة، هل من قضايا مشتركة"؟
بحضور ضيفة الشرف السيدة رباب الصدر، رئيس جمعية الجنان الأستاذ سالم يكن، رئيس جامعة الجنان الأستاذ الدكتور عابد يكن، سماحة مفتي طرابلس والشمال الدكتور مالك الشعار ممثلاً بالدكتور ماجد الدرويش، الرئيس نجيب ميقاتي ممثلاً بالسيدة ندى ميقاتي، قائد الجيش ممثلا بالعميد عبد الجواد ديب، مدير عام الأمن العام ممثلاً بالنقيب طلال حمدان، معالي الوزير أشرف ريفي ممثلا بالأستاذ محمد كمال زيادة، النائب سمير الجسر، النائب محمد الصفدي ممثلاً بالدكتور مصطفى الحلوة، النائب سليمان فرنجية ممثلاً بالاعلامية فيرا يمين، الملحق الثقافي الأردني الدكتور يحيى الدعوم، وفد جمعية الصليب الأحمر اللبناني، الأمين العام للجنة الوطنية لليونيسكو الدكتورة زهيدة درويش، مديرة فرع جامعة القديس يوسف في الشمال الدكتورة فاديا علم، رئيسة تجمع سيدات الأعمال في لبنان ليلى سلهب كرامي، الأستاذ خالد راغب ممثلا الجامعة المرعبية، ممثلو جامعات وتجمعات وروابط نسائية واجتماعية، عمداء الكليات والأساتذة وطلاب جامعة الجنان في فرعي طرابلس وصيدا ومهتمون..
بعد النشيدين الوطنيّ اللبنانيّ ونشيد الجنّان وتلاوة عطرة من القرآن الكريم للقارئ الشيخ محمّد الزاهد، رحّبت الأستاذة ندى السيّد بالحضور قائلة: "كانت قناعات الدكتورة تقوم على أنّ الوطن لا يبنى على الجهل، ولأن رجال ونساء المستقبل يجب أن يكونوا مزوّدين بالمعرفة فقد حاولت أن تتوسّع في تصميم هذه الرؤية على مختلف المناطق اللبنانيّة، فاتحة أبوابها أمام كلّ طالب وطالبة من البلاد العربية، آملة فتح قنوات التواصل الثقافيّ والعلميّ مع الجامعات الأجنبيّة لتحقيق افضل مستوى علميّ".
وأضافت: "المرأة الجامعة أولويّة وطنيّة تبدأ من أبسط الأدوار وصولا إلى الانخراط في الحياة السياسيّة والاجتماعيّة وانتهاء بالمشاركة. لذا كانت الدكتورة منى حداد يكن تعمل جاهدة أن يكون للمرأة دور في شتّى مجالات الحياة، لأنها باختصار كانت تؤمن أن المرأة جامعة للأسرة والجيل والوطن".
ثم تحدّثت الدكتورة هند الصوفي عن بعض الخطوط العريضة التي وضعتها مع الراحلة منى حداد حول طاولة الحوار لشعورها بأهمّيتها، أولاً لتوحيد الصف، وثانياً لإدارة الخلافات على غير صعيد.
تساؤلات كثيرة طرحتها الصوفي منها، "هل ستؤدّي مبادرة طاولة الحوار الوطنيّ النسائي إلى مكانِ ما؟ وهل من دور لنا في هذه الحقبة الحرجة؟ وما الذي يمنعنا من أن نتصدّى إلى كلّ ما يهدّد كياننا، وأن نعالج أمورنا الداخلية ونجد حلولاً تصب في تحسين الحالة الوطنيّة"؟
وأضافت قائلة: "الفكر لا يموت وإن مات صاحبه، لهذا نؤكّد اليوم أن تكون البداية هنا، لأنّنا على يقين أن المرأة اللبنانيّة لديها العزم والتصميم والصبر في تحقيق طموحاتها وآمالها، كما أنّنا على استعداد أن نُعدّ قسماً من أجل وطن واحد، وأن نصدر أكثر من بيان وأن نوحدّ المصطلحات وأن نتحاور بكل انفتاح وأن لا نكون بعد اليوم جزءاً من المشكلة بل أن نكون الحلّ".
كلمة جامعة الجنان ألقتها الدكتورة هدى حداد، حيث اختصرت في كلمتها المسيرة التربوية للراحلة، وما حققته من انجازات في هذا الصعيد قائلة: "إذا أردنا الكلام عن د. منى حداد يكن لا بدّ أن نذكر مؤسسات الجنان العلميّة من روضة إلى ثانويّة إلى جامعة تحتوي كلّيات عدة".
وذكرت "حداد" بعض الخصال التي كانت تتميّز بها الراحلة ألا وهي إيمانها بالله وفهمها للمشكلات الإجتماعية التي عملت على المشاركة في حلها، إضافةً للقيم الوطنية والإسلاميّة التي ربَّت عليها أولادها وطلّابها.
ضيفة الشرف السيدة رباب الصدرتحدثت عن ذكرياتها مع الراحلة قائلةً: "كلما ذكرت جامعة الجنان، تحضّر إلى ذهني السيدة الفاضلة منى يكن، المرأة اللبنانية العالمة والمجاهدة والفاعلة والناشطة على امتداد قضايا المرأة أينما كانت. فهي النموذج الصريح للمرأة صاحبة الإرادة والقرار والرأي".
وأضافت: "إن دعوتي بعثت في نفسي الأمل والسرور لأنني أؤمن أن الوطن لا يتعافى إلّا بالشراكة الفاعلة والمنصفة للنساء اللبنانيات".
كما تساءلت: "ما هي الأولويّات الوطنية للمرأة اللبنانيّة في زمن الجنون والعصبيات والقلق والقتل"؟ ذاكرةً بعض الخطوات التي يجب اتّباعها في هذه المرحلة. أهمّها استجماع الثقة بالنفس ومغادرة حقل الإستقالة إلى ميدان الفعل، تبريد الرؤوس الحامية وحثّ الأبناء والأزواج والإخوة على الرحمة والتّقى، ترميم جسور الثقة والتعاون بين مكونات المجتمع. وترجّل متعهدي الأزمات والحروب لمصلحة العقلاء واصحاب القلوب الرحيمة وذوي الرؤيا الشاملة والعادلة. وختمت: "اسمحوا لبعض النساء أن يفكرن معكم، ويقررن معكم، ويراقبن مسار الأمور. هي ألِفُ باء العدالة التي توصل إلى موسوعة القيم والحقوق. والنقلة المطلوبة ليست إنشائيّة، بل فعلية ورقمية تتجلّى في نسب الوزيرات والبرلمانيات ورئيسات الهيئات الإدارية وعضويات البلديات وغيرها من مواقع القرار".
وفي كلمة ألقتها الدكتورة عائشة يكن نائب رئيس جامعة الجنان، قالت: "لقد اخترنا هذا العام شعار "المرأة الجامعة" لما جمعته منى حداد يكن خلال مسيرتها من أدوار ووظائف وخصائص قلّما نجدها في فرد واحدٍ. فهي الأم والزوجة والمربية والداعية والخطيبة والمحاورة والقائدة والباحثة وسيدة الاعمال وبانية الصروح والمؤسسات. وقد أثبتت الراحلة أنّها لا تحتاج الى مواثيق دولية كي تمارس حقوقها بل استمدّت حقوقها من شرع الله واستطاعت أن تكسر الصورة الذهنيّة والخاطئة للمرأة المحجّبة وصوّبت صورة المرأة اللبنانيّة العربيّة المسلمة عندما قدّمت نموذجاً رائداً يحترمه القريب والبعيد وتحرّرت من تقاليد المجتمع المنافية للمنطق والشرع وتمسّكت بأولويّاتها الوطنية وزرعت في نفوسنا حب الوطن وأهله".
وأضافت: "لطالما كانت أولى اهتمامات منى حداد بناء الانسان وإيجاد فرص عمل لأبناء الوطن وإعادة المغتربين والكفاءات اليه. كما كان لدور المرأة أولويّة كبيرة في حياتها، إذ شجعتها على تولّي مسؤوليات عامة لتكون عنصراً فعالاً في بناء المجتمع وتبرهن فكراً وانتماءً وسلوكاً أنّها ليس محطّ الغواية والخطيئة بل هي محطّ الآمال والرجاء. كما أكّدت يكن على الدور التكامليّ لا التنافسيّ للمرأة والرجل الذي كانت تؤمن به الراحلة تطبيقاً للحديث الشريف (إنّما النساء شقائق الرجال)".
ثم افتتحت عميدة كليّة الإعلام في جامعة الجنان الدكتورة غادة صبيح طاولة الحوار قائلة: "انطلاقا من إيماننا بالدور الأساسي المناط بنا كنساء عاملات في الحقل الأكاديمي وفي الشأن العام، ومن وحي مسيرة سيدة تقدر عمل الجمعيات النسائية وتدعمه فإن سؤالاً واحد يراودنا: ما هي القضايا التي تجمعنا؟". وأضافت: "نلتقي اليوم لنتحاور ونخرج بعناوين قضايا تعتبر من أولوياتنا باعتبارنا مواطنات لبنانيات، نقدمها من منبر أكاديمي جامعي يساهم في مسيرة بناء الوطن والدولة العادلة والقوية".
المداخلة الأولى كانت للدكتورة فهمية شرف الدّين رئيسة اللجنة الوطنيّة لمتابعة قضايا المرأة. حيث تمحورت مداخلتها حول أهمّية الحركة النسائيّة ومسؤولياتها في تحقيق الديمقراطية واقامة دولة القانون، كيفية عزل الحركات النسائية من التمييز القانونيّ والتميّز الثقافي. وقالت شرف الدين: "إن هذه العناوين تتطلّب دعوة للإلتزام بمبدأ المساواة الكاملة بين المواطنين وتوحيد رؤية النساء لمبدأ المساواة وإقامة الرابط بين مصطلح المساواة والتغيير ودعوة لتجديد الحركة النسائيّة وغاياتها وأساليب عملها عن طريق تجربة الشبكة النسائيّة".
أما الدكتورة نهى الغصيني رئيسة اتّحاد بلديات الشوف، فقد تحدثت عن الأولويّات الوطنيّة التي تتجسّد بتحقيق العدالة الإجتماعيّة. فالمطلوب هو تشكيل جهة سياسيّة تطرح وتنفذ رؤية متطوّرة تكرّس مفهوماً جديداً للعمل السياسيّ في لبنان وذلك عبر اختصاصاته المتعدّدة في إدارة الشأن العام.
وأكدت الغصيني، المسؤولية تقع على المرأة في قضايا مجتمعها وذلك من خلال تعزيز حقوقها كمواطنة وكقوّة ناخبة بإمكانها تغيير المعادلة. وختمت قولها بأن النضال الحقيقيّ هو بالتكتّل الشعبوي بين النساء والرجال وهو التحرّر من الرجعيّة السياسيّة والطائفيّة والعائليّة والطبقيّة.
أما المحامية مهى فتحة رئيسة التجمع اللبناني للحفاظ على الأسرة، فقد تحدّثت عن المواطنة الفعالة التي تشارك في رفع مستوى المجتمع الحضاري. واستندت في قولها على أربع أولويّات أساسيّة للمواطنة الفعّالة وهي أوّلاً تحقيق الذات، ويتمّ ذلك بمعرفة مكوّنات الذات لنصل إلى شخصيّة مستقلّة قادرة على الإنتاج الإيجابيّ. أما الأولويّة الثانية فكانت الأسرة، فالمرأة بلا منازع هي القادرة على تحقيق السعادة بداخلها، وعلى قدر النجاح في الأسرة تستطيع النّجاح في قواعد المواطنة الفعّالة. وعن الأولويّة الثالثة والّتي هي المجتمع أكّدت السيّدة "فتحة" أنّ من واجب المواطنة الحقيقية أن تحترم الرأي الآخر وإن كان مخالفاً لرأيها. آخر أولويّاتها كانت الوطن والأمومة حيث تنطلق هذه الأولويّة من حبٍّ لوطنٍ ينعم بالأمن والأمان. وختمت كلمتها قائلةً: "الدكتورة منى حداد يكن هي خير مثال على المواطنة الجامعة، المتميّزة، التي استطاعت أن تجمع بين كل الأولويّات".
وذكرت الدكتورة مهى خير بك ناصر أستاذة النقد العربيّ الحديث في الجامعة اللبنانيّة، أن أولويّتها الأساسيّة هي إعادة تحريك وتفعيل الطبقة الوسطى. وأنّ الدور الفعّال المرتبط بالوعي هو بخروج الإنسان اللبنانيّ على جهوزية النسق. وأضافت: "بالثقافة نغيّر بناء أنفسنا وبالوعي تتحرر المجتمعات من التبعيّة والإستسلام وتصبح المرأة اللبنانيّة لها دور رئيسيّ يمكن أن يكرّس في العمل الصالح". وختمت أن الإنسان اللبنانيّ يستطيع أن يكون إنساناً فاعلاً.
واختتمت طاولة الحوار بمداخلة للدكتورة فاديا كيوان المديرة الفخريّة لمعهد العلوم السياسيّة في جامعة القدّيس يوسف حيث وصفت الراحلة بالانسانة المواطنة، المناضلة والرائدة في شتى المجالات. وأضافت: "يجب علينا كنساء أن يكون لدينا فكر جامع لأنه ليس هناك من موانع أن تنخرط المرأة في السياسة والدكتورة منى حداد خير مثال على ذلك لذا علينا أن نوفر الأطر الموضوعيّة لكيّ يتمكن الجميع من ولووج كلّ الميادين". وختمت: "المرأة ليست أمّاً فقط بل المرأة هي إنسانة. ويجب علينا أن نحاول بكلّ السبل لنخلّص لبنان من هذا الجحيم ونعيده إلى دائرة الشمس".
في ختام الحوار قدم كل من رئيس جمعية الجنان الأستاذ سالم يكن ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عابد يكن ونائب الرئيس الدكتورة عائشة يكن الدروع التقديرية لضيفة الشرف الدكتورة رباب الصدر وللمتحدثات. كما شارك أبناء الدكتورة منى حداد رحمها الله في توقيع الكتاب الصادر عن جامعة الجنان والذي يتناول أعمال ندوة: "منى حداد يكن... المرأة القدوة".
Follow us on